النعناع، هذا النبات المعمر العطري ذو الرائحة الساحرة، يفرض نفسه كحليف ثمين للبستاني العصري. "النعناع من أكثر النباتات تعدد الاستخدامات في الحديقة، حيث يجمع بين الخصائص الطهوية والطبية والبيئية"، كما تشرح ماري دومون، خبيرة الأعشاب والنباتات العطرية.
من النعناع الأخضر التقليدي (Mentha spicata) إلى النعناع بنكهة الشوكولاتة المدهشة، مروراً بالنعناع المغربي ذي النكهة القوية، تمتلك كل صنف بصمته العطرية الفريدة. يوضح الدكتور لوران مارتن، الصيدلي المتخصص في علم النبات: "بعض الأصناف مثل النعناع الفلفلي تنتج زيتاً عطرياً غنياً بالمنثول، مما يفسر استخدامه التقليدي في العلاج بالأعشاب".
تبدأ زراعة النعناع مثالياً في الربيع، في تربة غنية وجيدة الصرف. ينصح بيير دوبوا، مشتل متخصص في النباتات العطرية: "الموقع شبه المظلل في المناطق الجنوبية والمشمس في شمال فرنسا سيضمن نمواً مثالياً". ومع ذلك، يجب الانتباه لطبيعته التوسعية: فجذوره المتسلقة تستعمر المساحة بسرعة. الحل؟ زراعة النعناع في أصيص مدفون أو تحديد منطقة زراعته بدقة.
التكاثر سهل عن طريق العقل. سيقان بطول 15 سنتيمتراً، مجردة من أوراقها السفلية ومغمورة في الماء، تطور جذوراً بسرعة. تقول جولي مارتن، مهندسة البستنة: "تتيح هذه التقنية الحصول على نباتات جديدة مطابقة للنبات الأم، مما يضمن الحفاظ على خصائص الصنف المختار".
بالإضافة إلى خصائصه العطرية، يلعب النعناع دوراً بيئياً رئيسياً في الحديقة. يؤكد جان بول توريز، خبير البستنة العضوية: "إنه يشكل حاجزاً طبيعياً ضد العديد من الآفات". يستخدمه البستانيون ذوو الخبرة خاصة في المستخلص: 500 جرام من الأوراق الطازجة المنقوعة في 5 لترات من ماء المطر لمدة 10 أيام تصنع مبيداً حشرياً طبيعياً فعالاً، يجب تخفيفه قبل الاستخدام.
يمتد موسم الحصاد من أبريل إلى نوفمبر، ويفضل في الصباح عندما تكون الزيوت العطرية في أعلى تركيزاتها. تحفظ الأوراق الطازجة لبضعة أيام في الثلاجة، بينما يسمح التجفيف في مكان مظلم وجيد التهوية بالاستفادة من فوائدها طوال العام.
النعناع، كنز حقيقي للتنوع البيولوجي، يجذب الحشرات النافعة والملقحات. تختتم صوفي برنار، عالمة الحشرات: "أزهار النعناع مصدر رحيق ثمين للنحل والفراشات، مما يساهم في توازن النظام البيئي للحديقة".