في اليوم الموالي لليوم العالمي لمرض ألزهايمر، الذي يُخلد في 21 شتنبر من كل عام، يظل الواقع مقلقاً على الصعيد العالمي. فحسب بيانات **منظمة الصحة العالمية**، كان أكثر من 57 مليون شخص في العالم يعيشون مع أحد أشكال الخرف سنة 2021، 60% منهم في بلدان ذات دخل منخفض أو متوسط. ويُشخص سنوياً ما يقارب 10 ملايين حالة جديدة. مرض ألزهايمر يمثل السبب الأكثر شيوعاً للخرف، إذ يتراوح بين 60 و70% من الحالات، ليصبح اليوم السبب السابع للوفاة وأحد أبرز مصادر العجز عند كبار السن، فضلاً عن كلفته الاقتصادية المهولة التي وصلت سنة 2019 إلى 1,3 تريليون دولار.
في المغرب، ورغم غياب أرقام رسمية دقيقة، يُقدّر عدد المصابين بألزهايمر بحوالي 200 ألف شخص، ما يجعله تحدياً صحياً واجتماعياً واقتصادياً بارزاً. لكن الخبراء يؤكدون أن المرض ليس قدراً محتوماً، إذ يمكن الوقاية من نسبة مهمة من الحالات أو تأخير ظهورها عبر ممارسات حياتية بسيطة ومنتظمة.
الدكتورة ماجدة بربيج، المتخصصة في الذاكرة والانتباه، شددت في حوار مع مجلة **TelQuel** على أن "دماغنا، مثل باقي الأعضاء، يحتاج إلى تمرين وصيانة مستمرة"، مذكّرة بأن لجنة **The Lancet Commission** أثبتت سنة 2024 أنه يمكن تجنّب أو تأخير 45% من الحالات بالتحكم في عوامل قابلة للتغيير مثل النشاط البدني، الصحة القلبية، النوم، السمع والبصر. وأكدت أيضاً أن تجارب كـ"FINGER" الفنلندية أثبتت جدوى الجمع بين التمارين الجسدية والذهنية في الحد من التدهور المعرفي.
أما بخصوص العلامات المبكرة، فتتمثل حسب المتخصصين في فقدان الذاكرة المتكرر للأحداث القريبة، صعوبة التنظيم، ضياع الاتجاهات أو صعوبة إيجاد الكلمات، وهي أعراض تستوجب الحذر، إذ أن التدخل المبكر يمنح فرصاً أكبر لتقوية الدماغ عبر ما يُعرف بـ"الاحتياطي المعرفي".
وترى بربيج أن القراءة تظل من أقوى أدوات الوقاية، فهي ليست مجرد متعة فكرية، بل "رياضة دماغية" تُنشط شبكات معرفية متعددة، من اللغة إلى الذاكرة العاملة والانتباه والتفكير التحليلي. بالمقابل، فإن الاستهلاك المفرط لمحتوى سطحي وسريع كالمنصات أو مقاطع الفيديو القصيرة يضعف التركيز ويرتبط بخطر متزايد للتدهور المعرفي.
وفي ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، أوضحت الباحثة أن استخدامه السلبي يعزز "الخمول الذهني"، إذ يقلل من الجهد المعرفي، على غرار ما أكدته دراسات أُجريت بالـ MIT و Harvard. لكنها شددت على أن الاستخدام الإيجابي والفعّال للذكاء الاصطناعي يمكن أن يتحول إلى أداة قوية للتحفيز العقلي والتعلم، كما أظهرت تجارب في اليابان والصين داخل دور الرعاية.
وأعطت بربيج مثالاً عملياً لعادات بسيطة يمكن دمجها يومياً: خمس دقائق من الحركة، عشر دقائق للقراءة النشطة، وخمس دقائق من الكتابة اليدوية. هذه الطقوس القصيرة، وفقاً لها، تمثل "نظافة معرفية" أساسية تحفظ الذاكرة والانتباه وتؤمّن إنتاجية ذهنية طويلة الأمد.
هذا التقرير استند إلى معطيات **منظمة الصحة العالمية** ونتائج أبحاث طبية نُشرت في مجلات مثل **The Lancet** و**Neurology**، بالإضافة إلى تصريحات الدكتورة ماجدة بربيج في حوارها مع مجلة TelQuel.



